مَن منَّا لم يحزن لفراق شهر رمضان الكريم، وكلنا إمَّا مقصر ضاعت منه فرصةُ استثمار أيامه ولياليه؛
ليغفر له ويعتق من النار، وإما طائع قدَّم من الأعمال القليلة ما كان يطمعه لو طالت تلك الأيام المباركات ليزداد تقربًا وتعبدًا لله وينال ثوابًا عظيمًا، وخالقنا الجواد الكريم سبحانه، وقد علم حزننا على فراق شهرنا ها هو يسعد القلوب، ويتفضل على العباد بنفحة مباركة طيبة هي فرصة جديدة لمحو الذنوب وغسل الخطايا ورفع الدرجات.
قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "افعلوا الخير دهركم، وتعرَّضوا لنفحاتِ رحمة الله، فإن لله نفحات من رحمته، يُصيب بها مَن يشاء من عباده".
إن هذه النفحة المباركة التي مَنَّ الله بها علينا والتي تعطر الوجود الآن هي هذه الأشهر الحرم التي نحيا في نورها الآن، وعلى الأخص الأيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة المبارك، تلك الأيام التي قال عنها الرسول المصطفى- صلى الله عليه وسلم-: "ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، فقالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء".ونذكره سبحانه فيها، ولنكثر من العبادات والطاعات؛ لنحيي هذه الأيام فنكون من الفائزين، ومن هذه الطاعات التي نتقرب بها لله في هذه الأيام..
الذكر:
قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد". (
2- الصيام:
وهل أفضل من صيام التطوع في هذه الأيام التي أُمِرنا بالإكثار من العمل الصالح فيها، وقد أخبرنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن الصيام وفضله: "من صام يومًا في سبيل الله جعل الله بينَه وبين النار خندقًا كما بين السماء والأرض" (
3- الإكثار من الصدقات:
قال تعالى: ﴿لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾
4- الإكثار من قراءة القرآن:
نحرص على كثرةِ القراءة مع التدبر والخشوع وتحريك القلب بالقراءة.. قال تعالى: ﴿اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ﴾
5- إحياء لياليها بالقيام:
فالقيام من العِبادات الجليلة التي أخفى الله ثواب القائمين بها لعظمته ﴿فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (، وقد أخبرنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن قيام الليل فقال: "هو دأب الصالحين قبلكم، وقربةٌ إلى الله عز وجل، ومنهاةٌ عن الإثم، وتكفيرٌ للسيئات، ومطردةٌ للداء عن الجسد" وقال تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ﴾
الإكثار من الدعاء:
فلا ننسى كثرة الدعاء واللجوء إلى الله؛ ليقضي الله لك حوائج الدنيا والآخرة، فقد قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "الدعاء مخ العبادة"، فتعبَّد لله بسؤاله والتضرع له.
أحبتنا في الله:
وإذا كانت هذه العبادات الجليلة عظيمةَ الثواب في الأيام العشر كلهن، فقد ميَّز الله يوم عرفة فميِّزوه وزيدوا من العبادة والذكر واللجوء والضراعة لله في هذا اليوم العظيم ليعتقكم الله من النار، فتكونوا من الناجين، بإذن الله.. قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة.