اليوم تتحدث عن دور الأب، وما هو المطلوب منه؟ والمطلوب منه ثلاثة أشياء: الأب القدوة، الأب المتفقد لأولاده، الأب الصديق، الآباء لهم أدوار كثيرة جداً، ولكن هناك ثلاثة أدوار أساسية، وغاية في الأهمية، وهي التي تمهد لأي دور آخر يقوم به الأب، وهي: دور الأب القدوة، دور الأب المتفقد لأولاده، ودورالأب الصديق، و أنت تستطيع أن تسيطر بعطفك، أكثر ما تستطيع أن تسيطر بقوتك وقسوتك،فتملك قلوب أولادك بحنانك أكثر ما تملكهم بشدتك وقوتك.
و يحتاج الأب ثلاثة أشياء لكي ينفذ هذه الأدوار، وهي: وقت، وجهد، وتركيز.
أولاً: الوقت:
لا تستطيع أن تقول من أين آتي بالوقت؟ أنت عندما يكون ابنك أو ابنتك في مصيبة أو ورطة ستذهب لإنقاذهم وأنت في غاية التعب والحزن، وتترك كل أعمالك لإنقاذهم. ولكنك الآن تستطيع أن تقضيه معهم بشكل منتظم وهادئ، فهذا في حاجة إلى وقت.
ثانياً: الجهد:
أنت بحاجة إلى جهد على عكس دور الأم، لأن ولدها يكون في رحمها تسعة أشهر، فدرجة التعلق بها كبيرة، وبسبب أنه جزء من كيانها بشكل وسر لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، ولكن الأب يحتاج إلى جهد، لكي يستجيب إليه ابنه، أي باللعب معه وتقبيله وما إلى ذالك.
ثالثا:التركيز:
وهو أهم عنصر، أنت بحاجة إلى تركيز، ففي كثير من الأحيان نغيب عن أولادنا، ونعود إليهم، مما يجعلنا نحتاج إلى تركيز معهم أكثر مما يحتاجه أب يعيش مع أولاده ويبيت معهم ولكنه لا يلعب أي دور....أي في عالم آخر. لابد أن يركز الأب في فكرة، في شئ يثير بها أولاده، في طريقة يتعامل معهم بها، حتى في قصة قبل النوم التي تحكيها له، في الكثير من الأحيان أسافر، ولكني عند العودة أكون مُعد برنامج، كيف نستقبل فيه كل يوم؟ وأن أضع في ذاكرته بصمة لن ينساها طيلة حياته، كيف أترك بصمات في ذهن ابني؟ أرأيتم أننا في حاجة إلى وقت، وجهد وتركيز؟.
أولاً: الأب القدوة:
هل تريد أن تربي أولادك؟ هل تريد وصفة تجعل من أولادك عظماء؟ بأحسن وسيلة تربية فعالة؟ هل تريد أن تؤثر تأثيراً غير عادي في أولادك؟
أن تبقى ساكتاً، لكن كن قدوة، واترك أولادك يروا أفعالك، في داخل وخارج المنزل، لأنهم لن يتذكروا أقوالك بل سيتذكرون أفعالك، لأنهم يراقبون كل شئ ويستنسخون تصرفاتك في عقولهم، ومثل ما تفعل يفعلوا، و حركاتك وتصرفاتك أقوى من ألف درس دين، أقوى من ألف موعظة وموعظة، لأنه مهما نصحنا وقلنا مواعظ والبيت من الداخل خرب لا فائدة في ذالك، ومهما الدنيا خربت من حولنا والبيت كما هو مستمسك وقوي فهناك أمل.
ولأن الأولاد يراقبون كل حركاتك وسكناتك، وأن كل شئ يقلد، فإن كنت تهين زوجتك، ويعلو صوتك عليها وتضربها، فتأكد أن أولادك عندما يكبرون لا يحترمون المرأة، وإذا كنت تدخن تأكد أن ابنك سيدخن السجائر أيضاً، ثم المخدرات، وإذا كنت سريع الغضب ستجد ابنك يصنع تصرفات لا تليق بسنه كطفل، ولكنه يقلدك في كل شئ، لأنك أنت بالنسبة له المثل الأعلى، إذن..أيها الأب هل أنت مثل أعلى لأولادك؟... وما هي القيم التي تريد أن تعطيها لأولادك؟...هل تريده عفيفاً؟
وإذا كنت طائعاً لله سبحانه وتعالى، وتعامل زوجتك بما يرضي الله، وعطوفاً سيكون ابنك كذلك، ولا تطمح أن يكون ابنك صالحاً إلا أن تكون أنت صالحاً، كن صالحاً يكن ابنك صالحاً..
هل تريد أن تعلمه العطف؟..زر أمامه ملجأ للأيتام، هل تريد أن تحببه في صلاة الفجر؟ اجعله يراك أنت وأمه تصليان الفجر أمامه..هل تريد أن تحببه في العبادة؟.. اجعله يراكما وأنتما تصليان في البيت جماعة، هل تريد أن تحببه في الدعاء؟..اجعله يراك أنت وأمه تدعوان الله..
أعود مرة أخرى للأب القدوة، الآن أمامك قطعة قماش جاهزة، تسمى "كل مولود يولد على الفطرة"، أنتم متخيلون كيف سنسئل يوم القيامة؟ أنتم متخيلون ما هي قيمة القدوة؟ والخامة هذه هي ابنك، تفعل فيها كما تشاء، نريد أن نستلمها منك بعد عشر سنوات لكي ندخلك بها الجنة، أي ربي ابنك كيف تشاء، ومثل ما تريد سيكون، علمت الآن؟ أنا مثل أعلى لأولادي؟ وأنت بالنسبة لابنك وابنتك مصدر الرجولة لديهم، وأنت من يأخذون منه القيم، بمعنى إذا كنت تدخن ففي عقلهم الباطن أن الرجولة أن أدخن لأن أبي يدخن، وهذه الخامة انقش فيها كما تحب، ولكن اعلم أن السؤال شديد يوم القيامة، والثواب كبير يوم القيامة، وهذا على حسب ما سوف تنقشه في ابنك.